منذ بدء المعارك بمدينة الفاشر آداب العاصي واجهت مليشيا الجنجويد ما يمكن وصفه بأنها الهزيمة الأكثر كارثية حتى الآن، حيث انتهت محاولتها رقم 170 للاستيلاء على الفاشر بضربة قوية لصفوفها ومعنوياتها وقيادتها. والآن في خطوة تؤكد اليأس لجأت المليشيا وداعميه المحلين والإقلايمين إلى الحرب النفسية، وأصدرت إنذاراً لجنود الفاشر الصامدين والذي يعتبر إنذار وهمي لا ترد الا في خيال المليشيا…
أصبحت الفاشر بمثابة (ستالينغراد )الحديثة بالنسبة لقوات الدعم السريع، حيث قوبلت كل محاولة للسيطرة عليها بمقاومة شرسة، مما أدى إلى خسائر كبيرة في وسط المليشيا. لم تنجح المدينة في صد الغزاة فحسب، بل أصبحت أيضًا رمزًا للصمود في مواجهة جبروت القوة التي كان يُعتقد في السابق أنها لا تقهر تشير التقارير الأخيرة إلى أن قوات الدعم السريع لم تفقد الأرض فحسب، بل خسرت أيضًا أبرز قاداتها في معاركها ضد القوة المشتركةلحركات الكفاح والجيش السوداني ، مثل اللواء خلا علي يعقوب ، والمرتزق مهدي بشير ، والقائد الميداني عبدالرحمن قرن شطة وغيرهم .. مما أدى إلى تقويض هيكل قيادتها وقدراتها العملياتية بشدة.
وفي بيان صدر مؤخراً، وصفه الكثيرون بأنه مهين ويدل على يأسهم، أعطت مليشيا الجنجويد ، الجنود في الفاشر مهلة 48 ساعة للاستسلام والمغادرة دون أن يصابوا بأذى. ويبدو أن هذه الخطوة بمثابة اعتراف صارخ بعدم قدرتهم على السيطرة على المدينة من خلال الوسائل التقليدية. المفارقة هنا واضحة. إن مليشيا الجنجويد ، التي كانت تتباهى ذات يوم ببراعتها العسكرية، تلجأ الآن إلى التهديدات من موقع الضعف متناسيا على ما يبدو أن الفاشر أصبحت شاهدا على سقوطها، مثلما حدث مع ستالينغراد للقوات النازية في الحرب العالمية الثانية.
وفي نفس السياق إن الهزيمة في الفاشر ليست مجرد نكسة عسكرية للمليشيا، بل هي نكسة استراتيجية ضربت ارجاء المليشيا . ويشير فقدان القادة والاستنزاف الكبير للقوات إلى سوء تقدير استراتيجي، ولا يمكن المبالغة في تقدير التأثير النفسي على مقاتلي الميليشيا ومؤيديهم. ومن المرجح أن هذه السلسلة من الهزائم قد أدت إلى إضعاف معنويات المليشيا وأصبح يصرخون من هنا وهناك ..
وإن محاولة المليشيا لترهيب جنود الفاشر لإجبارهم على الاستسلام بعد سلسلة من الهزائم هذه هي علامة واضحة على الضعف وليس القوة. الفاشر، صامدة كما جاءت في بيان القوة المشتركةلحركات الكفاح المسلح، والقوات المسلحة ومستعدين للرد في اي محاولة جديدة للمليشيا ونعلم جيدآ كيف نهزمهم لأننا في السابق هزمناهم في 170 محاولة ، الفاشر السلطان هي المدينة التي تبث الرعب لقادة المليشيا وداعميهم بل أصبح أيضًا رمزًا للمقاومة ضد الاستبداد ، والان ستتم مراقبة التحركات التالية للمليشيا عن كثب، ولكن في الوقت الحالي، تمثل هزيمتهم في الفاشر نقطة تحول مهمة في هذه الملحمة المستمرة، حيث قد تكون الحرب النفسية هي الملاذ الأخير لهم في معركة يخسرونها بشكل متزايد في جميع الجبهات ولا سيما خسائرهم الأخيرة في صحراء شمال دارفور …
مصطفي مانيس
لاتعلیق